بطل كنوت هامسون الجائع يلوك الخشب لتسلية جوعه، ويبذل قصارى خياله وهلاوس دماغه لكتابة المقالات، مشكلته ليست في صعوبة الحصول على الطعام -محدش بيموت من الجوع-، ولكن في حالة تضخم الأنا لديه والتي فاقت واقعه المزري بمراحل، الكبرياء يمنعه من طعام متوفر ويعرج بسبب أوجاع ركبته الرطبة على الدوام لتغطية اللون الباهت في سواد بنطاله وحياته البائسة.
يغمره التشكك في وجود الإله والنقمة الدائمة من رفقة الجوع والفقر، يغلبه النُبل والمكابرة ليُطعم الآخرين متجاهلاً نداء معدته الخاوية. الكتابة لا تنهمر على الورق متى ما استدعاها الكاتب الموهوب، فكيف تكون مطواعة لمن يستجديها لتوفير الطعام بطريقة مثقفة، هامسون الريفي الكاره للمدنية يكتب من واقع تجربته عندما زار أمريكا وذاق مرارة الفقر هناك، ولكنه يبطن السخرية في اختياره مهنة الكاتب لبطل رواية الجوع، وتابع هذه السخرية من تكلّف كبار الكتّاب في رواية أسرار التي صدرت بعد الجوع بعامين.
الرواية مملة بعض الشيء في البداية ولكن يتحسن الأمر مع مرور الصفحات، الفيلم النرويجي Sult 1966 المقتبس عن الرواية جميل ونجح الممثل في اداء شخصية البطل الجائع المتوتر على الدوام والذي انتهت الرواية دون نعرف له اسم، وجدت هذا الحديث الشيق للكاتب بول أوستر مع حفيدة هامسون عن الرواية والفيلم، ذكروا خلال الحديث أن لوحة دوستويفسكي التي ظهرت في أحدى مشاهد الفيلم كانت تخص الكاتب كنوت هامسون وكان يحتفظ بها في غرفة نومه. يبدو واضحاً تأثير دوستويفسكي في شخصيات هامسون المضطربة نفسياً كبطل هذه الرواية وشخصية يوهان نيجل في رواية أسرار،اضافة لتأثره بأفراد عائلته الذين مروا بمتاعب نفسية مشابهة.
••••••
معلومات الكتاب :
- اسم الكتاب : الجوع
- الكاتب : كنوت هامسون
- المترجم : محمود حسني العرابي
- الناشر : دار المدى 2014
- عدد الصفحات : 240